الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فكلما مرت السنون وتعاقبت الدهور تأكد للناس مدى احتياج البشرية للعناية الإلهية متمثلة فى الوحي والتشريع الذي ينقذها من رهدة الضياع والشتات الذي تمرغت فى أوحاله من كل جانب ، وفى كل المجالات
فكلما مرت السنون وتعاقبت الدهور تأكد للناس مدى احتياج البشرية للعناية الإلهية متمثلة فى الوحي والتشريع الذي ينقذها من رهدة الضياع والشتات الذي تمرغت فى أوحاله من كل جانب ، وفى كل المجالات
نعم قد يموت الرسول صلى الله عليه وسلم لكن تبقي رسالته ، وهي الهدف الأساسي من إرساله كما فى الصحيح (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي) ، ويتلخص حديثنا فى النقاط التالية :
1- الحاجة إلى الوحي لم ولن تنقطع :
فالعقل البشري قاصر ومحدود وعلمه جزئي نسبي بجانبه التوازن والشمول والواقعية فى نظرته لكثير من الأشياء ولذا فإن الإسلام لم يختص بمرحلة مضت ، وولت أو نزل لقوم رعاة فى عصور ماضية ، ولا يصلح لهذا الزمان الذي يدعي البعض أن البشرية بلغت فيه مبلغ الرشد ، وذلك لأن الإسلام لا يخاطب فى الإنسان ملبسه أو مركبه أو مسكنه الذي يتغير من عصر لعصر ، ومن بيئة لأخرى ، وإنما يخاطب طبائعه ونوازعه المترسخة فيه كبشر . وقد ثبت أن الإنسان لا يزال يحمل فى جنباته فرعنة فرعون وقرونة قارون وعتو عاد وهيمنة هامان وتجبر نمرود كما يحمل طبائع الخير . أيضاً فتجد الآن من يتمثل خلق المهاجرين أو الأنصار فى الوقوف بجانب الحق والانحياز له ، فالإنسان هو الإنسان مهما تقدم وتهندم ، فلا تزال نفسه نفساً بشرية لها ما للبشر من عيوب أو حسنات ( ونفس وما سواها(7) فألهمها فجورها وتقواها( قد أفلح من زكاها(9) وقد خاب من دساها(10))الشمس:7-10 ، وأثبت الواقع المعاصر إمكانية تكرار نماذج أبي جاهل والنمرود وفرعون بل صدر من الإنسان حديثاً من الويلات الشنيعة مما يستحيي منه أبو جهل لو كان حياً ، وما ظلم الإنسان لأخيه الإنسان والحروب العالمية والمحلية والدمار الشامل والعنصرية والإباحية إلا أمراض فى النفس البشرية لم تتغير بتغير الزمان والمكان ولا دواء لها إلا الدين ، وبالجملة سيظل الإنسان محتاجاً للدين طالما كان بشراً ينتمي لآدم لبس ما لبس أو أكل ما أكل فهذا لن يغير فى الأمر شيئاً (لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين) يس:70
2- من آثار ترك الرسالة :
البعد عن منهج الله تعالي له آثار لازمة تصرخ فى الناس (وما كان ربك ليهلك القري وبظلم وأهلها مصلحون) هود:117
وضرب القرآن الكريم لنا أمثلة واضحة على هذه القضية كقوم نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وقوم فرعون وغيرهم (فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) العنكبوت:40 ، فكل من الحرف عن منهج الله تعالى كله أو بعضه ناله ما ناله من العقوبة فى الدنيا (ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) طه:من الآية 127، وجاء كل نبي يعالج مرضاً ويقوم انحرافاً عن النهج السوي والصراط المستقيم فهذا نوح عليه السلام يصحح انحرافاً عقدياً وشعيب عليه السلام يصحح انحرافاً اقتصادياً وموسى عليه السلام يصحح انحرافاً استبدادياً تسلطياً ولوط عليه السلام يواجه انحرافاً خلقياً ، ويرتكز إصلاح الجميع علي منهج رباني لا علي فلسفة أرضية وهي القاسم المشترك بينهم (أن أعبدوا الله ما لكم من إله غيره) المؤمنون : من الآية32 ، والبشر هم البشر والنفس هي النفس مع اختلاف المكان والزمان واللغة وهي محتاجة دائماً إلى الشرع والوحي المعصوم ليقوم عوجها (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) المائدة :16 .
ولئن كانت البشرية فى الماضي محتاجة إلى الوحي الإلهي فيما مضي فهي فى العصر الحديث أشد احتياطاً وظمأًً إليه !! فقد صار الانحراف مقنناً محمياً بالحرية وبزعم المصلحة وخلافه، والنتيجة نلمسها فى كم الجرائم وحوادث السلب والنهب والقتل والقلق والانتحار والفوضى مما لا يحتاج إلي تعليق (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) طه:124.
3- فشل الحلول البديلة :
لم تسعد البشرية إلا بالدين على مر العصور حيث جريت حلولاً كثيرة وحاولت أن تستغنى بها عن الدين وفشلت ولم تع البشرية الدرس الأول فى غالب الأحوال إلا من رحم ربي (سيذكر من يخشي*ويتجنبها الأشقي) الأعلى:10 ، وإذا ترك الإنسان منهج الإسلام الحق فهو على حالة من ثانين :
الأولى : أن يبقي على شكل الدين ويعبث بجوهره ويبدل الوحي ويطمس معالم الهداية كالذين (يحرفون الكلم من بعد مواضعه)المائدة: من الآية 41 . فخالفوا الفطرة بالإفراط أو التفريط كما فعل أهل الكتاب فكفر الناس بالكتاب لما ذاقوه من ويلات بسبب رجال الدين باسم الدين ، والإسلام من ذلك براء.
الثانية : وكرد فعل أراد الإنسان أن يستغني عم المنهج الإلهي بفلسفات أرضية وقوانين بشرية فشلت جميعها في تحقيق السعادة للبشرية ، فالاشتراكية أهدرت حقوق المتميزين وأممت جهود الأفراد والرأسمالية دمرت الطبقات الكادحة لحساب أصحاب رءوس الأموال . والعلمانية قدست المادة وأهملت الروح وهكذا كلما فشل حل جربوا الآخر ولم يذق الإنسان طعم الراحة في ظل هذه الحلول جميعها . وبالجملة فإن الفراغ الذي يتركه الدين لا يعلوه أي منهج آخر (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) النور : من الآية 40.
4- الإسلام بين جاهليتين :
لم يفلح دين في إعادة البشرية إلى الصراط المستقيم وتخليص الناس من آثار الجاهلية إلا الإسلام . فهو دواء لمرض الجاهلية وكلما ظهرت أعراض نفس المرض وجدت الحاجة إلى الدواء نفسه. فإن تصريح القرآن الكريم بلفظ الجاهلية الأولى فيه دلالة واضحة على أن مظاهر الجاهلية قابلة للتكرار (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) الأحزاب: من الآية 33، دلالة على أن هناك جاهلية ثانية وثالثة وهكذا . وقد أسرفت الجاهلبة الحديثة فى التبرج مما يجعل البشرية بحاجة إلى الدعوة الإسلامية التي تقضي على آثارها كما قضت على سابقتها مع الأخذ فى الاعتبار أنه لم يفلح منهج في القضاء على آثار الجاهلية الأولى غير منهج الإسلام . وما يقال فى التبرج يقال فى الخمر والزنا والظلم والفساد وسائر الموبقات !!
ولئن ضلت البشرية قديماً فأحلت بهواها فإن الإسلام قمع هذه التشريعات المزيفة وأبطلها وقاد البشرية بتشريع من حكيم حميد ، فلا بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولاخنزير ولا ميتة .. الخ (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل الله أذن لكم أم على الله تفترون) يونس : 59 .
ولئن استحدثت الجاهلية الحديثة أموراً قننت بها الظلم أو التسلط ، وصار الحلال والحرام وفق أهواء البشر فى هذه الأيام ، فإن الإسلام الذي حرر البشرية من الاستعباد للفرس أو الرومان لقادر على أن يحرر البشرية حديثاً من التبعية والإذلال الذي يمارسه الأقوياء على الضعفاء فى هذا الزمان مع اختلاف الأسماء فقط!!
إن يختلف الإسم فالمضمون متحد مهما تلونت الأشخاص ألوانا
والبشرية اليوم بحاجة ماسة إلى الإسلام الذي يحررها من سلطان العبيد إلى سلطان رب العبيد كما قال ربعي بن عامر رضي الله عنه : ( نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة ).
ويل الصغير وقد صار الورى سمكاً يسطو الكبير عليه غير خشياناً
5- بين المستشرقين والمستغربين :
مما يؤسف له أنه فى الوقت الذي ينبغي أن يقوم المسلمون بإبراز محاسن رسالتهم الخالدة للناس انبهر ضعفة الإيمان منهم برغوة زبد الحضارة الغربية. وأرادوا أن ينسلخوا من جلدهم ، وهؤلاء كما وصفهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح (لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى أنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم قالوا : اليهود والنصارى قال: فمن) كان هذا فى الوقت الذي انتهي المنصفون من أهل الكفر بعد بحث وتحليل إلى أحقية الإسلام الاتباع وأنه الدين الحق لا سيما بعد الكشوف العلمية استقراء السنن الإلهية فى الكون والحياة . فقد انتهوا إلى صدق القرآن فى كل ما جاء به وأنه ما من شئ حرمه الإسلام إلا وفيه مضرة كالخمر والخنزير والزنا وخلافه . وما من شئ أمر به الإسلام إلا وفيه منفعة ظاهرة أو خفية . ووقفوا على الإعجاز التشريعي والعلمي كما وقف سابقوهم على الإعجاز البياني فلم الذوبان فى الغرب والإعجاب بحضارة قد انهارت من داخلها ؟ ولم التغافل عما فى أيدينا من نهج صالح لإسعاد البشرية ؟!
كالعيش فى البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهرها محمول
نسأل لله أن يعصمنا والمسلمين من الزلل إنه ولي ذلك والقادر عليه ، آمين .
1- الحاجة إلى الوحي لم ولن تنقطع :
فالعقل البشري قاصر ومحدود وعلمه جزئي نسبي بجانبه التوازن والشمول والواقعية فى نظرته لكثير من الأشياء ولذا فإن الإسلام لم يختص بمرحلة مضت ، وولت أو نزل لقوم رعاة فى عصور ماضية ، ولا يصلح لهذا الزمان الذي يدعي البعض أن البشرية بلغت فيه مبلغ الرشد ، وذلك لأن الإسلام لا يخاطب فى الإنسان ملبسه أو مركبه أو مسكنه الذي يتغير من عصر لعصر ، ومن بيئة لأخرى ، وإنما يخاطب طبائعه ونوازعه المترسخة فيه كبشر . وقد ثبت أن الإنسان لا يزال يحمل فى جنباته فرعنة فرعون وقرونة قارون وعتو عاد وهيمنة هامان وتجبر نمرود كما يحمل طبائع الخير . أيضاً فتجد الآن من يتمثل خلق المهاجرين أو الأنصار فى الوقوف بجانب الحق والانحياز له ، فالإنسان هو الإنسان مهما تقدم وتهندم ، فلا تزال نفسه نفساً بشرية لها ما للبشر من عيوب أو حسنات ( ونفس وما سواها(7) فألهمها فجورها وتقواها( قد أفلح من زكاها(9) وقد خاب من دساها(10))الشمس:7-10 ، وأثبت الواقع المعاصر إمكانية تكرار نماذج أبي جاهل والنمرود وفرعون بل صدر من الإنسان حديثاً من الويلات الشنيعة مما يستحيي منه أبو جهل لو كان حياً ، وما ظلم الإنسان لأخيه الإنسان والحروب العالمية والمحلية والدمار الشامل والعنصرية والإباحية إلا أمراض فى النفس البشرية لم تتغير بتغير الزمان والمكان ولا دواء لها إلا الدين ، وبالجملة سيظل الإنسان محتاجاً للدين طالما كان بشراً ينتمي لآدم لبس ما لبس أو أكل ما أكل فهذا لن يغير فى الأمر شيئاً (لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين) يس:70
2- من آثار ترك الرسالة :
البعد عن منهج الله تعالي له آثار لازمة تصرخ فى الناس (وما كان ربك ليهلك القري وبظلم وأهلها مصلحون) هود:117
وضرب القرآن الكريم لنا أمثلة واضحة على هذه القضية كقوم نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وقوم فرعون وغيرهم (فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) العنكبوت:40 ، فكل من الحرف عن منهج الله تعالى كله أو بعضه ناله ما ناله من العقوبة فى الدنيا (ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) طه:من الآية 127، وجاء كل نبي يعالج مرضاً ويقوم انحرافاً عن النهج السوي والصراط المستقيم فهذا نوح عليه السلام يصحح انحرافاً عقدياً وشعيب عليه السلام يصحح انحرافاً اقتصادياً وموسى عليه السلام يصحح انحرافاً استبدادياً تسلطياً ولوط عليه السلام يواجه انحرافاً خلقياً ، ويرتكز إصلاح الجميع علي منهج رباني لا علي فلسفة أرضية وهي القاسم المشترك بينهم (أن أعبدوا الله ما لكم من إله غيره) المؤمنون : من الآية32 ، والبشر هم البشر والنفس هي النفس مع اختلاف المكان والزمان واللغة وهي محتاجة دائماً إلى الشرع والوحي المعصوم ليقوم عوجها (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) المائدة :16 .
ولئن كانت البشرية فى الماضي محتاجة إلى الوحي الإلهي فيما مضي فهي فى العصر الحديث أشد احتياطاً وظمأًً إليه !! فقد صار الانحراف مقنناً محمياً بالحرية وبزعم المصلحة وخلافه، والنتيجة نلمسها فى كم الجرائم وحوادث السلب والنهب والقتل والقلق والانتحار والفوضى مما لا يحتاج إلي تعليق (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) طه:124.
3- فشل الحلول البديلة :
لم تسعد البشرية إلا بالدين على مر العصور حيث جريت حلولاً كثيرة وحاولت أن تستغنى بها عن الدين وفشلت ولم تع البشرية الدرس الأول فى غالب الأحوال إلا من رحم ربي (سيذكر من يخشي*ويتجنبها الأشقي) الأعلى:10 ، وإذا ترك الإنسان منهج الإسلام الحق فهو على حالة من ثانين :
الأولى : أن يبقي على شكل الدين ويعبث بجوهره ويبدل الوحي ويطمس معالم الهداية كالذين (يحرفون الكلم من بعد مواضعه)المائدة: من الآية 41 . فخالفوا الفطرة بالإفراط أو التفريط كما فعل أهل الكتاب فكفر الناس بالكتاب لما ذاقوه من ويلات بسبب رجال الدين باسم الدين ، والإسلام من ذلك براء.
الثانية : وكرد فعل أراد الإنسان أن يستغني عم المنهج الإلهي بفلسفات أرضية وقوانين بشرية فشلت جميعها في تحقيق السعادة للبشرية ، فالاشتراكية أهدرت حقوق المتميزين وأممت جهود الأفراد والرأسمالية دمرت الطبقات الكادحة لحساب أصحاب رءوس الأموال . والعلمانية قدست المادة وأهملت الروح وهكذا كلما فشل حل جربوا الآخر ولم يذق الإنسان طعم الراحة في ظل هذه الحلول جميعها . وبالجملة فإن الفراغ الذي يتركه الدين لا يعلوه أي منهج آخر (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) النور : من الآية 40.
4- الإسلام بين جاهليتين :
لم يفلح دين في إعادة البشرية إلى الصراط المستقيم وتخليص الناس من آثار الجاهلية إلا الإسلام . فهو دواء لمرض الجاهلية وكلما ظهرت أعراض نفس المرض وجدت الحاجة إلى الدواء نفسه. فإن تصريح القرآن الكريم بلفظ الجاهلية الأولى فيه دلالة واضحة على أن مظاهر الجاهلية قابلة للتكرار (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) الأحزاب: من الآية 33، دلالة على أن هناك جاهلية ثانية وثالثة وهكذا . وقد أسرفت الجاهلبة الحديثة فى التبرج مما يجعل البشرية بحاجة إلى الدعوة الإسلامية التي تقضي على آثارها كما قضت على سابقتها مع الأخذ فى الاعتبار أنه لم يفلح منهج في القضاء على آثار الجاهلية الأولى غير منهج الإسلام . وما يقال فى التبرج يقال فى الخمر والزنا والظلم والفساد وسائر الموبقات !!
ولئن ضلت البشرية قديماً فأحلت بهواها فإن الإسلام قمع هذه التشريعات المزيفة وأبطلها وقاد البشرية بتشريع من حكيم حميد ، فلا بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولاخنزير ولا ميتة .. الخ (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل الله أذن لكم أم على الله تفترون) يونس : 59 .
ولئن استحدثت الجاهلية الحديثة أموراً قننت بها الظلم أو التسلط ، وصار الحلال والحرام وفق أهواء البشر فى هذه الأيام ، فإن الإسلام الذي حرر البشرية من الاستعباد للفرس أو الرومان لقادر على أن يحرر البشرية حديثاً من التبعية والإذلال الذي يمارسه الأقوياء على الضعفاء فى هذا الزمان مع اختلاف الأسماء فقط!!
إن يختلف الإسم فالمضمون متحد مهما تلونت الأشخاص ألوانا
والبشرية اليوم بحاجة ماسة إلى الإسلام الذي يحررها من سلطان العبيد إلى سلطان رب العبيد كما قال ربعي بن عامر رضي الله عنه : ( نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة ).
ويل الصغير وقد صار الورى سمكاً يسطو الكبير عليه غير خشياناً
5- بين المستشرقين والمستغربين :
مما يؤسف له أنه فى الوقت الذي ينبغي أن يقوم المسلمون بإبراز محاسن رسالتهم الخالدة للناس انبهر ضعفة الإيمان منهم برغوة زبد الحضارة الغربية. وأرادوا أن ينسلخوا من جلدهم ، وهؤلاء كما وصفهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح (لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى أنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم قالوا : اليهود والنصارى قال: فمن) كان هذا فى الوقت الذي انتهي المنصفون من أهل الكفر بعد بحث وتحليل إلى أحقية الإسلام الاتباع وأنه الدين الحق لا سيما بعد الكشوف العلمية استقراء السنن الإلهية فى الكون والحياة . فقد انتهوا إلى صدق القرآن فى كل ما جاء به وأنه ما من شئ حرمه الإسلام إلا وفيه مضرة كالخمر والخنزير والزنا وخلافه . وما من شئ أمر به الإسلام إلا وفيه منفعة ظاهرة أو خفية . ووقفوا على الإعجاز التشريعي والعلمي كما وقف سابقوهم على الإعجاز البياني فلم الذوبان فى الغرب والإعجاب بحضارة قد انهارت من داخلها ؟ ولم التغافل عما فى أيدينا من نهج صالح لإسعاد البشرية ؟!
كالعيش فى البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهرها محمول
نسأل لله أن يعصمنا والمسلمين من الزلل إنه ولي ذلك والقادر عليه ، آمين .